منتديات الجزائر العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الجزائر العربية

المنتدى يجب ان يكون اخضر
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

  تحذير الأمة عن التهاون بصلاة الجماعة والجمعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هارون الرشيد
Admin



المساهمات : 549
تاريخ التسجيل : 30/03/2012
العمر : 26
الموقع : https://3arabia.ahlamontada.net/u1

 تحذير الأمة عن التهاون بصلاة الجماعة والجمعة Empty
مُساهمةموضوع: تحذير الأمة عن التهاون بصلاة الجماعة والجمعة    تحذير الأمة عن التهاون بصلاة الجماعة والجمعة Emptyالثلاثاء أبريل 17, 2012 10:58 am




تقديم:


الصلاة عمود الإسلام،
والمحافظة عليها يعني المحافظة على شعيرة من شعائره، وأركانه الخمسة التي
بُنِي عليها الإسلام، وعن الصلاة والتهاون بها جماعةً يُحدّثنا عالم أديب
من علمائنا الأجلاَّء، وأدبائنا الأخيار، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن
الشثري، في رسالته القيمة: "تحذير الأمة عن التهاوُن بصلاة الجماعة والجمعة"، هذه الرسالة التي تنضح بالنُّصح، وتَفيض بالإخلاص لإخوانه المسلمين أمَّة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم.



هذه الرسالة التي يفوح عبيرها، ويعبق شذاها إيمانًا وتقوى وصلاحًا.



نعود إلى مؤلِّفها وصائغ عباراتها،
فنجده شابًّا رضع لبان العلم من الصِّغر، حتى تخرَّج في كلية الشريعة
بالرِّياض عام 1383هـ، ومارس أشرف مهنة، فكان في معهدين من معاهدنا
العلمية الفذَّة في (حائل والدلم)
هاتين المدينتَين العريقتين مدرِّسًا، ثم انتقل إلى رئاسة القُضاة، فكان
كاتبَ عدلٍ في مدينة الحوطة التي بها وُلِد وترعرع، ولا يزال يعمل في هذه
المدينة التي هي مسقطُ رأسه ومدرج صباه، والتي تُعَدُّ من أكبر المدن، وهي
عاصمة لمنطقة واسعة.



إن الشيخ عبدالعزيز الشثري من
أسرة لها مكانتها الاجتماعية والتاريخية، وآل الشثري بيتُ علم ودين وأدب
في هذه البلاد بلاد المملكة العربية السعودية، فشكرًا له على هذه
الرِّسالة، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

عثمان الصالح



بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة:


الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ونُصلي ونسلم على النبي الأمين المبعوث رحمةً للعالمين.



وبعد:

فمما اشتدت به غربة الدِّين
اليوم: التهاون بالصلاة التي هي عمود الإسلام، فإنَّ ترْكها بالكلية كفرٌ
يُخرج عن الملة، ويصير تاركُها وجاحدها حلالَ الدم والمال، لا يُغسَّل إذا
مات، ولا يُصلَّى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا ترثه زوجته
المسلمة، ولا يرثُها إذا ماتت وهو على هذه الحالة؛ يقول الله - تعالى - في
حق الكفار: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر: 42، 43]، وغير ذلك من الآيات الكثيرة الدَّالة على كُفر تارك الصلاة.



وفي الحديث:
((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))، وحديث: ((بين
العبد وبين الكفر تركُ الصلاة))، وروي: ((من ترك صلاة واحدة متعمدًا، فقد
برئتْ منه ذمة الله))، وقد جاء في الحديث: ((لا حظَّ في الإسلام لمن ترك
الصلاة))، وقد روي عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله -
صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من ترك صلاة مكتوبة متعمدًا، فقد برئت
منه ذمة الله))؛ رواه الإمام أحمد في مسنده.



وعن أبي الدرداء - رضي الله
عنه - قال: ((أوصاني أبو القاسم - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألا أترك
الصلاة متعمدًا، فمن تركها متعمدًا فقد برئت منه الذمة))؛ رواه عبدالرحمن
بن أبي حاتم في سننه.



وقال عبدالله بن شقيق: "ما كان أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يرون شيئًا من الأعمال تركه كفرٌ إلا الصلاة".



وقال أبو محمد ابن حزم - رحمه
الله -: وقد جاء عن عمر، وعبدالرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة،
وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم -: أن من ترك صلاة فرض واحدة مُتعمدًا
حتى يخرج وقتها، فهو كافر مُرتد.



وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي
- رحمه الله - في كتابه: ذهب جملة من الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم
إلى تكفير تارك الصلاة متعمدًا؛ لتركها حتى يخرج وقتها؛ منهم: عمر بن
الخطاب، ومعاذ بن جبل، وعبدالله بن مسعود، وابن عباس، وجابر، وأبو
الدرداء، وكذلك رُوِي عن علي - رضي الله عنهم - ومن بعدهم أحمد بن حنبل،
وإسحاق، وعبدالله بن المبارك، وإبراهيم النخَعي، والحكم بن عُيينة، وأيوب
السختياني، كل هؤلاء ذهبوا إلى تكفير تارك الصلاة حتى يخرجَ وقتها، وحُكِي
عن ابن المبارك - رحمه الله - أنَّه قال: "من أخَّر صلاةً حتى يفوت وقتها متعمدًا من غير عُذر فقد كفر".



وحكي عنه أنه قال: "من ترك الصلاة متعمدًا من غير علة حتى أدخلَ وقتًا في وقت فهو كافر"، وقال عبدالله بن نصير: سمعت إسحاق يقول: "صح عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن تارك الصلاة كافر
وكذلك كان رأي أهل العلم من لَدُن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى
يومنا هذا: أنَّ تارك الصلاة عمدًا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر؛ انتهى
من "كتاب الصلاة"؛ لابن القيم (ص404 - ص413).



وبالجملة فقد دلَّ الكتاب والسنة وإجماع الصَّحابة ومن بعدهم على كُفر تارك الصلاة، وأنَّه لا حظَّ له في الإسلام.



ذكر الأحاديث والأدلة على وُجُوب المحافظة على الصلاة في المساجد جماعة:

وأمَّا التهاون بها مع الجماعة
في المساجد في أوقاتها فهو مَعصية عظيمة، وكبيرة من الكبائر، ووسيلةٌ إلى
التهاوُن بها وتركها بالكلية؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال
رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام،
ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلقُ معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم
لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار))، وفي رواية: ((لولا ما
فيها من النساء والذرية لأحرقتها عليهم))؛ متفق عليه.



وعن ابن أم مكتوم - رضي الله
عنه - قال: استأذنت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنْ أصلي في
بيتي فقال: ((هل تسمع النِّداء بالصلاة؟))، فقلتُ: نعم، قال - عليه الصلاة
والسلام -: ((أجب، لا أجد لك رخصة)).



وعن ابن عباس - رضي الله عنهما
- قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من سمع النداء فلم
يأتِ فلا صلاة له، إلاَّ من عذر)).



وأخرج الحاكم في "مستدركه"
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم -: ((ثلاثة لعنهم الله: مَن تقدَّم قومًا وهم له كارهون، وامرأة
باتتْ وزوجها عليها ساخط، ورجل سمع: حيَّ على الصلاة، حي على الفلاح، ثم
لم يُجب))، وحديث: ((لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد))؛ روي مرفوعًا
وموقوفًا.



وعن ابن عباس - رضي الله عنهما
- قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من سمع النداء فلم
يمنعه من اتباعه عذر))، قالوا: وما العُذر؟ قال: ((خوف أو مرض - لَم تقبل
منه الصلاة التي صلى))؛ رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه وابن ماجه.



وعن معاذ بن أنس عن رسول الله
- صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((الجفاء والكفر والنِّفاق من سَمِعَ
مناديَ الله يُنادي إلى الصلاة فلا يُجيبه))؛ رواه أحمد والطبراني، وفي
رواية للطبراني قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بحسبِ المؤمن
منَ الشَّقاء والخيبة أن يَسْمَع المؤذن يثوب بالصلاة فلا يجيبه)).




ذكر الآثار عن الصحابة - رضي الله عنهم - في وجوب صلاة الجماعة وعقوبة المتخلف عنها:


عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "ما بال أقوام يتخلفون عن الصلاة، فيتخلَّف لتخلُّفهم آخرون؟! لأَنْ يحضروا الصلاة، أو لأبعثن عليهم من يُجافي رقابهم".



وقد كتب - رضي الله عنه - إلى
الأمراء في الأمصار: إنَّ أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها فقد حفظ
دينه، ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع، ومن المحافظة عليها أداؤها جماعة
في المساجد.



وقال ابن مسعود - رضي الله عنه
-: "مَن سَرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصلوات
الخمس؛ حيث يُنادى بهن، فإن الله - تعالى - شرع لنبيكم سنن الهدى، وأنهن
من سنن الهدى، ولو أنَّكم صليتم في بيوتكم كما يُصلي هذا المتخلف في بيته،
لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم، لضللتم - وفي رواية: لكفرتم -
ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - أي: صلاة الجماعة في المساجد - إلا منافق
معلوم النفاق".



ويقول أبو هريرة - رضي الله
عنه -: "لأن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصًا مذابًا خير له من أن يسمع: حيَّ
على الصلاة، حيَّ على الفلاح، ثُم لَم يُجب"، وتقول أم المؤمنين عائشة -
رضي الله عنها -: "مَن سمع المنادي بالصلاة ثُم لم يجب، لم يرد خيرًا ولم
يرد به، إلاَّ من عذر".



وسُئل ابن عباس - رضي الله عنهما - عن رجل يقوم الليل ويصوم النهار، وهو لا يشهد الجُمُعة ولا الجماعة، فقال: "هو في النار"، فلولا أنَّ صلاة الجماعة فريضة لم يحكم ابن عباس - رضي الله عنهما - على هذا الرجل الذي قد جمع بين هاتين العبادتين بالنار.



ولما كان عتاب بن أسيد - رضي
الله عنه - واليًا للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أهل مكة، فسمع
برجال يتخلفون عن الصلاة في المساجد جماعة، فقال: "يا أهل مكة، والله لا أسمع برجال يتخلَّفون عن الصلاة في الجماعة في المساجد إلاَّ ضربت أعناقهم"، فعلم الصحابةُ - رضي الله عنهم - بصنيعه هذا، فزاده رفعة عندهم، وارتفع قدْره.



وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - أيضًا: "من سمع المنادي، فلم يُجب من غير عذر، فلا صلاة له"، وقال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: "من سمع المنادي بالصلاة، فلم يُجب من غير عذر، فلا صلاة له وهو صحيح"، وقال الحسن بن علي - رضي الله عنه -: "من سمع المنادي بالصلاة فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر"، وقال عليٌّ - رضي الله عنه -: "من سمع النداء من جيران المسجد فلم يُجب وهو صحيح من غير عذر، فلا صلاة له".



فهذه أحاديثُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذه نصوص الصَّحابة - رضي الله عنهم - في
وجوب صلاة الجماعة في المساجد، وعقوبة المتخلفين عنها بأنواع العقوبات؛
تارةً بإحراق بيوت المتخلِّفين بالنار، وحينًا بقتل المتخلف عنها، وحينًا
بعدم صحَّة صلاته كما سلف لكم، وحينًا بالوعيد بالنَّار كما في الأثر عن
ابن عباس، وحينًا بالنِّفاق كقول ابن مسعود، فقد اشتهر هذا وانتشر عن
الصَّحابة - رضي الله عنهم - ولم يَجئ عن صحابي واحد خلافٌ في ذلك، فالذي
ندين لِلَّه به: أنه لا يَجوز لأحدٍ التخلُّف عن صلاة الجماعة في المساجد
إلا مِن عُذر؛ فعلى أولياء الأمور في كلِّ بلدٍ مِن بُلدان المسلمين - على
حسب ما لدَيْهم منَ السُّلطة والنفوذ - الإنكار على مَن تَخلَّف عن صلاة
الجماعة في المسجد، وزجره وتهديده، والأخْذ على يده بالعقوبة الرَّادعة له
ولأمثاله؛ اقتداءً بسلفنا الصالح - رحمهم الله.



ذكر الآثار الواردة عن التابعين ومن بعدهم في وجوب صلاة الجماعة في المساجد:

قال عطاء بن أبي رباح، وأحمد
بن حنبل، وأبو ثور - رحمهم الله -: إنَّ حضور الجماعة في المسجد فرض، وقال
الشافعي - رحمه الله -: لا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانِها
في المسجد، وقال الخطابي: حضور الجماعة في المساجد واجب؛ لأنَّه لو كان
مسنونًا، لكان أولى بالتخلُّف والرخصة ابن أم مكتوم وأمثاله منَ الضعفة.



وكان عطاء بن أبي رباح يقول:
ليس لأحد في الحضر ولا في القرى رخصة إذا سمع النِّداء في أن يَدَعَ
الصلاة في المسجد جماعة، وقال الأوزاعي - رحمه الله -: لا طاعةَ للوالد في
ترك الجُمَع والجماعات، وقال ابن حزم: لا ذنبَ بعد الشرك أعظم من تأخير
الصلاة عن وقتها، وقتل المؤمن بغير حقٍّ.



فالتخلُّف عن الصلاة في المساجد جماعة من علامات المنافقين؛ إذ يقول الله - تعالى - في حق المنافقين: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء: 142]، والآية الأخرى: ﴿وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى [التوبة: 54].



فجديرٌ بالمسلم الحقيقي الذي
يُؤمن بلقاء ربِّه أن يُحافظ على هذه الصلوات الخمس في المساجد مع جماعة
المسلمين؛ كي يَسْلَمَ من العذاب الأليم، ويفوز بالأجر العظيم، ولا يغتر
بمن غَرَّتهم هذه الزهرة العاجلة الفانية، فإنَّها عما قليل مضمحلة
وذاهبة، فليس العجَب بمن هلك: كيف هلك؟ إنَّما العجب بمن نجا: كيف نجا؟ وإذا
كان التخلُّف عن صلاة الجماعة من صفات المنافقين، وعرفنا ذلك وتحققناه،
فجدير بالمسلم أن يُنَزِّه نفسه عن صفات المنافقين الذين هم في الدرْك
الأسْفل من النار، نعوذ بالله من النار.




ذكر الأحاديث الواردة في فضل صلاة الجماعة في المساجد:


عن ابن عمر - رضي الله عنهما -
قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صلاة الرجل في الجماعة
تفضل على صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجة)).



وعن أبي هريرة - رضي الله عنه
- قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صلاة الرجل في
الجماعة تضعف على صلاة في بيته وفي سوقه بخمس وعشرين ضعفًا، ذلك أنه إذا
توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة لم يخطُ خطوة إلاَّ رفعت له بها
درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلَّى لَم تزل الملائكة تصلي عليه، تقول:
اللهم اغفر له، اللهم ارْحمه، ما لم يُؤذِ أو يُحدث)).



وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم
-: ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما
فيهما – أي: من الأجْر - لأتوهما ولو حَبْوًا)).



وفي الحديث: ((من
غدا إلى المسجد أو راح، أعدَّ الله له منَ الجنة نُزُلاً كلما غدا أو
راح))؛ المراد بالنُّزُل: هنا الكرامة والضيافة من الله - تعالى -
للمحافظة على صلاة الجماعة.



وفي الحديث عن
النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((إذا رأيتم الرجل يعتادُ
المسجد، فاشهدوا له بالإيمان))، ثم تلا قول الله - تعالى -: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة: 18].



وفي الحديث أنَّ
النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ألاَ أدلُّكم على ما يَمحو الله
به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباع الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطَا
إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّباط، فذلكم الرباط)).



وفي الحديث عن
أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم
-: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يَجدوا إلاَّ أن
يستهموا عليه، لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير - أي: التبكير إلى
المساجد - لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح، لأتوهما ولو
حَبْوًا)).

وفي "صحيح مسلم"
عن عثمان - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
((من صلى العشاء في جماعة فكأنَّما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة
فكأنَّما قام الليل كله)).



وفي الحديث الآخر: ((من صلى العشاء في جماعة فهو في ذِمَّة الله حتى يصبح، ومَن صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يُمسي...)) الحديث.



وفي الحديث: ((بشر المشَّائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة)).



وعن
عثمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلاها مع الإمام، غفرتْ
له ذنوبه))؛ رواه ابن ماجه في سننه.



وعن
أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
((من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد، لقي الله بنورٍ، أو آتاه نورًا يوم
القيامة))؛ رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.



وفي الحديث الصحيح: ((سبعة يظلهم الله تحت ظلِّ عرشه يومَ لا ظل إلا ظله))، وذكر منهم: رجلاً قلبه مُعلق بالمساجد.



ورُوِي عن رسول الله - صلَّى
الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((فرق ما بيننا وبين المنافقين أنَّهم لا
يستطيعون حضور العشاء والصبح في جماعة...)) الحديث.



وعن أبي أمامة - رضي الله عنه
- أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ولو يعلم هذا المتخلِّف
عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشي إليها، لأتاها ولو حَبْوًا على يديه
ورجليه))؛ رواه الطبراني.



وعن عبدالله بن عمرو - رضي
الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه ذكر الصلاة
يومًا، فقال: ((مَن حافظ عليها كانتْ له نورًا وبرهانًا ومنجاة يوم
القيامة، ومَن لم يُحافظ عليها، لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا منجاة،
وكان يوم القيامة مع هامان وقارون وفرعون وأبيِّ بن خلف))؛ رواه أحمد
بإسناد جيد، والطبراني في الكبير.



فصل في عظم شأن الصلاة:

قال الإمام أحمد - رحمه الله
تعالى -: وقد جاء في الحديث: ((لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة))، وقد
كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يكتب إلى الآفاق: "إنَّ أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها، فقد حفظ دينه، ومَن ضيَّعها، فهو لما سواها أضيع، ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة"؛
قال: فكلُّ مستخفٍّ بالصلاة مُستهين بها، فهو مستخفٌّ بالإسلام مستهينٌ
به، وإنَّما حظهم من الإسلام على قَدْرِ حظِّهم من الصلاة، ورغبتهم في
الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعْرِف نفسَك يا عبد الله، واحذر أنْ
تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك، فإنَّ قدر الإسلام في قلبك كقَدرِ الصلاة
في قلبك، وقد جاء في الحديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه
قال: ((الصلاة عماد الدين))، ألست تعلم أنَّ الفسطاط إذا سقط عموده، سقط
الفسطاط، ولم ينتفع بالطُّنب ولا بالأوتاد، وإذا قام عمودُ الفسطاط انتفع
بالطُّنب والأوتاد؟ فكذلك الصلاة من الإسلام.



وجاء الحديث:
((إنَّ أول ما يُسْأَل عنه العبد يومَ القيامة من عمله صلاته، فإن تقبلت
صلاته تقبل منه سائرُ عمله، وإن رُدَّت عليه صلاته، رُدَّ عليه سائرُ
عمله))، فصلاتنا هي آخر ديننا، وهي أول ما نسأل عنه غدًا من أعمالنا يومَ
القيامة، فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصَّلاة آخر ما
يذهب من الإسلام.



والصلاة هي أول فُرُوض الإسلام بعد الشَّهادتين،
وهي آخر ما يفقد من الدين، فهي أول الإسلام وآخره، فإذا ذهب أولُه وآخره
فقد ذهب جميعه، وقد أصبح الناس في نقصٍ عظيم شديد من دينهم عامَّة ومن
صلاتهم خاصَّة، فاتقوا الله - عباد الله - في أمور دينكم عامة، وفي صلاتكم
خاصة، وانصحوا فيها إخوانكم؛ فإنَّها آخر دينكم، فتمسكوا بآخر دينكم وبآخر
ما عهد إليكم نبيُّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - من بين عهوده إليكم، وهي
الصلاة؛ إذ يقول في آخر رمق من حياته: ((الصلاةَ الصلاةَ، وما ملكتْ
أيمانكم)).



ومُرُوا - رحمكم الله -
بالصلاة في المساجد مَن تَخلَّف عنها، وعاتبوهم إذا تخلفوا عنها، وأنكروا
عليهم بأيديكم، فإنْ لم تستطيعوا فبألسنتكم، واعلموا أنَّه لا يسعكم
السكوت عنهم؛ لأنَّ التخلف عن الصلاة من عظيم المعصية، فإنْ لم تفعلوا
تكونوا آثمين، ومن أوزارهم غير سالمين؛ لوجوب النصيحة لإخوانكم عليكم، وقد
جاء الحديث: ((يَجيء الرجل يومَ القيامة متعلقًا بجاره، فيقول: يا رب،
وعزتك ما خُنته في أهلٍ ولا مال، فيقول: صدق يا رب، ولكنَّه رآني على
معصية، فلم ينهني عنها))، فاحذر تعلقه بك غدًا، وخصومته إياك بين يدي
الجبار، ولا تدع نصيحته اليوم، وإن شتمك وآذاك وعاداك، فإنَّ معاداته لك
اليوم أهونُ من تعلقه بك غدًا، وخصومته إياك بين يدي الجبار في ذلك المقام
العظيم، فاحتمل ما جاءك منه؛ لعلك تفوز غدًا مع النبيين والصديقين
والتابعين لهم بإحسان.

انتهى من رسالة الإمام أحمد - رحمه الله - (ص 373 - ص375).



فصل في مزايا الصلاة على سائر العبادات:

وللصَّلاة من المزايا ما ليس لغيرها من سائر العبادات:

منها: أنَّ الله - سبحانه وتعالى - تولَّى فرضيتها على رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمُخاطبته له ليلةَ المعراج.

ومنها: أنَّ
الصلاة أكثر الفرائض ذكرًا في القرآن؛ فتارة يَخُصُّها بالذكر، وتارة
يقرنها بالزكاة، وتارة يقرنها بالصبر، وتارة يقرنها بالنُّسك، وتارة يفتتح
بها أعمال البر ويختمها بها، كما في آيات سورة (المعارج)، وكما في أول سورة (المؤمنين).

ومنها: أن الصلاة أول ما أوجب الله على عباده من العبادات، فإنَّ وجوبها قبل وجوب الزكاة والصيام والحج.

ومنها: أن
وجوبها عام على الذَّكر والأنثى، والحر والعبد، والغني والفقير، والمقيم
والمسافر، والصحيح والمريض، فلا تسقط الصلاة عن المريض ما دام عقله ثابتًا.

ومنها: أنَّها أول ما يُحاسب عليه العبد من أعماله يومَ القيامة، وآخر ما يفقده من دينه.

ومنها: أنَّها
قوام الدين وعماده، فلا يستقيم دينٌ إلا بها؛ كما في الحديث: ((رأس الأمر
الإسلام، وعموده الصلاة، وذِروة سنامه الجهاد))، فمتى سقط العمود ذهب
الدين.

ومنها: أن
الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - اهتم بها اهتمامًا عظيمًا، فهي آخر ما
أوصى به أمته عند مفارقته الدُّنيا، جعل يقول: ((الصلاةَ الصلاةَ، وما
ملكت أيمانكم)) - كما تقدم.

ومنها: أن الله أوجبها في اليوم والليلة خمسَ مَرَّات، بخلاف غيرها من بقية الأركان.



وبالجملة:
فأمرُ الصلاة عظيم، وشأنها كبير، فقبولُ سائر الأعمال موقوف على فعلها،
فلا يقبل الله من تاركها صومًا، ولا حجًّا، ولا صدقةً، ولا جهادًا، ولا
شيئًا من الأعمال، فيجب على المسلمين جميعًا من الاعتناء بها ما لا يَجب
من الاعتناء بغيرها، فعلى أهل القدرة منهم أن يأمروا بالصلاة كلَّ أحد من
الرجال والنساء والصبيان المميزين، كما قال النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم -: ((مروا أبناءكم بالصلاة لسبعِ سنين، واضربوهم عليها لعشرٍ،
وفَرِّقوا بينهم في المضاجع))، ويحرم تأخيرها عن وقتها باتِّفاق العلماء.



والرجل البالغ إذا امتنع من صلاةٍ واحدة من الصَّلوات الخمس،
أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها، فإنَّه يُستتاب، فإن تاب وإلاَّ قُتِلَ،
فمن العلماء من يقول: يكون مرتدًّا كافرًا لا يُغسَّل، ولا يصلى عليه، ولا
يُدفَن في مقابر المسلمين، ومنهم مَن يقول: يكون كقاطع الطريق، وقاتل
النفس، هذا إذا تركها كسلاً مع اعتقاد فرضيتها، والأول فيمن جحد فرضيتها.



انتهى من مقالٍ للشيخ عبدالله بن محمد بن حميد، بعنوان: "الصلاة ومكانتها في الدين".



إذا عرفت ما تقدم من عِظَم شأن الصلاة ومكانتها من الدين، فيجب
عليك - يا أخي - أنْ تَهتم بها، وأنْ تُشدد على أهلك وأولادك وكل من لك
عليه ولاية في إقامة الصلاة، ولا تدع لهم عُذرًا في تركها، ومن لم يسمع
منهم ويطع، فهَدِّده وعاقبه، واغضب عليه أشدَّ الغضب، أعظم مما تغضب عليه
لو أتلف مالَك، فإن لم تفعل ذلك كنت من المستهينين بحقوق الله وبدينه، ومن
لم يَمتثل وينْزجر بعد ذلك فأبعده عنك واطرده، فإنه شيطان لا خيرَ فيه ولا
بركة، تحرم موادته ومعاشرته، وتَجب معاداته ومقاطعته، وهو من المحادين لله
ولرسوله؛ قال تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة: 22].




باب وجوب صلاة الجمعة على الأعيان المقيمين في الأوطان، وعقوبة المتخلف عنها من غير عذر:


قال الله - تعالى -: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
[الجمعة: 9].



وعن أبي هريرة وابن عمر - رضي
الله عنهما - أنَّهما سمعا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول على
أعواد منبره: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعة والجماعات، أو ليختمن الله
على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين))؛ رواه مسلم.



وفي الحديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من ترك ثلاث جُمَع تهاونًا، طبع الله على قلبه)).



وعن أبي قتادة أنَّ رسول الله
- صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَنْ ترك الجمعة ثلاثَ مَرَّات من غير
ضرورة، طبع الله على قلبه))؛ رواه أحمد بإسناد حسن.



وعن ابن عباس - رضي الله عنهما
- قال: "من ترك الجمعة ثلاثَ جمع متواليات، فقد نبذ الإسلام وراء ظهره"؛
رواه أبو يعْلى موقوفًا بإسناد حسن.



وروى الترمذي عن ابن عباس -
رضي الله عنه - أنَّه سئل عن رجل يقوم الليل ويصوم النهار وهو لا يشهد
الجمعة ولا الجماعة، فقال: "هو في النار"، وتقدَّم.




فصل فيما ورد من بعض النصوص في فضل صلاة الجمعة:


عن أبي هريرة - رضي الله عنه -
أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من اغتسلَ يوم الجمعة
غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنَّما قَرَّب بدنة، ومن راح في
الساعة الثانية فكأنَّما قَرَّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنَّما
قَرَّب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومن
راح في الساعة الخامسة فكأنَّما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة
يستمعون الذِّكر))؛ رواه أحمد، والبُخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،
والنسائي.



وعن أبي هريرة - رضي الله عنه
- أيضًا قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من توضأ فأحسن
الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى،
وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا))؛ رواه مسلم.



وعن أبي أيوب الأنصاري - رضي
الله عنه – قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((من
اغتسل يوم الجمعة، ومسَّ من طيب إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج
حتى يأتي المسجد، فيركع ما بدا له، ولم يُؤذِ أحدًا، ثم أنصت حتى يصلي -
كان كفَّارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى))؛ رواه أحمد والطبراني.



وعن سلمان - رضي الله عنه -
قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يغتسل رجلٌ يوم
الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهور، ويدهن من دُهنه، ويَمس من طيب بيته،
ثم يَخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم يُنصت إذا تكلم
الإمام، إلاَّ غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))؛ رواه البخاري
والنسائي، والأحاديث في هذه كثيرة جدًّا، ولكن القصد الإشارة في هذا
المختصر.




فصل - وكان مِنْ هدي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تعظيم هذا اليوم يوم الجمعة وتشريفه وتخصيصه بعبادات يَختص بها عن غيره:


الخاصة الأولى: أنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقرأ في فجره بسورتي: ﴿الم * تَنْزِيلُ﴾ [السجدة: 1، 2]، و﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ﴾ [الإنسان: 1].

الخاصة الثانية:
استحباب كثرة الصلاة فيه على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفي ليلته؛
لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أكثروا عليَّ من الصلاة يومَ الجمعة
وليلة الجمعة...)) الحديث.

الخاصة الثالثة: صلاة الجمعة التي هي من آكد فروض الإسلام، ومن أعظم مجامع المسلمين.

الخاصة الرابعة: الأمر بالاغتسال في يومها، وهو أمر مؤكد جدًّا، ووجوبه أقوى من وجوب الوتر.

الخاصة الخامسة: التطيُّب في يوم الجمعة، وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع.

الخاصة السادسة: السواك فيه، وله مزيَّة على السواك في غيره.

الخاصة السابعة: التبكير للصلاة.

الخاصة الثامنة: أن يشتغل بالصلاة والذكر والقراءة حتى يخرج الإمام.

الخاصة التاسعة: الإنصات للخطبة إذا سمعها وجوبًا في أصحِّ القولين؛ لحديث: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت، فقد لغيت، ومن لغا، فلا جمعة له)).

الخاصة العاشرة:
قراءة سورة الكهف في يومها؛ لحديث: ((مَن قرأ سورة الكهف يومَ الجمعة، سطع
له نور من تحتِ قدمه إلى عنان السماء، يضيء له يومَ القيامة، وغفر له ما
بين الجمعتين)).

الخاصة الحادية عشرة: أنَّه لا يكره فعل الصلاة في يومها وقت الزَّوال.

الثانية عشرة: قراءة سُوَر "الجمعة والمنافقون، أو سبح والغاشية" في صلاة الجمعة، كما ورد الخبر بذلك.

الثالثة عشرة: أنَّه
يوم عيد متكرر في الأسبوع؛ لحديث: ((إنَّ يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها
عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر، فيه خمس خلال: خلق
الله فيه آدم، وأهبط فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفي آدم، وفيه ساعة
الإجابة، وفيه تقوم الساعة)).

الرابعة عشرة:
أن يوم الجمعة يستحب أن يُلْبَسَ فيه أحسنُ الثياب التي يُقدَر عليها؛
لحديث: ((ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليومِ الجمعة سوى ثوبي مهنته))،
وغير ذلك من الأحاديث المتقدمة.

الخامسة عشرة: أن يوم الجمعة يُستحب فيه تجمير المسجد.

السادسة عشرة: من
خصائص يوم الجمعة أنَّه لا يَجوز السفر في يومها لمن تلزمه الجمعة بعد
دخول وقتها؛ لحديث: ((مَن سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعتْ عليه
الملائكة أن لا يُصْحَب في سفره))، وقال بعض السلف: قلما يخرج رجلٌ في يوم
الجمعة إلا رأى ما يكره، لو نظرت في ذلك، لوجدته كذلك، وقال أيضًا بعض
السلف الصالح - رحمهم الله -: إذا سافر الرجل يومَ الجمعة، دعا عليه
النهار ألا يُعان على حاجته، ولا يصاحب في سفره.

السابعة عشرة: أن للماشي إلى الجمعة بكلِّ خُطوة أجر سنة صيامها وقيامها؛ للحديث الوارد بذلك.

الثامنة عشرة: أن يوم الجمعة يوم تكفير السيئات ومغفرة الذنوب.

التاسعة عشرة: أن
جهنم تسجر كل يوم إلا يوم الجمعة، والسر في ذلك - والله أعلم - أنَّ يوم
الجمعة أفضل الأيام عند الله، ويقع فيه من الطاعات والعبادات والدَّعوات
والابتهال إلى الله - سبحانه وتعالى - ما يَمنع من تسجير جهنم فيه.

العشرون: أن يوم الجمعة فيه ساعة الإجابة، وهي الساعة التي لا يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه؛ للحديث الوارد بذلك.

الحادية والعشرون:
أن في يوم الجمعة صلاةَ الجمعة التي خصت من بين سائر الصلوات المفروضة
بخصائص لا توجد في غيرها من الاجتماع والعدد، وغير ذلك من الخصائص الكثيرة.

الثانية والعشرون: من
خصائص الجمعة أنَّ فيه الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله - تعالى -
وتمجيده، والشهادة له بالوحدانية، ولرسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -
بالرسالة، وتذكير العباد بأيامه، وتحذيرهم من بأسه ونقمته، ووصيتهم بما
يقربهم إليه وإلى جنته، وتحذيرهم مما يقربهم من سخطه وناره.

الثالثة والعشرون: أن
يوم الجمعة يوم يستحب أن يتفرغ فيه للعبادة، وله على سائر الأيام مَزِيَّة
بأنواع العبادات من واجب ومستحب، فالله - سبحانه - جعل لأهل كل ملة يومًا
يتفرغون فيه للعبادة، ويتخلَّون فيه عن أشغال الدُّنيا، فيوم الجمعة يوم
العبادة، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعة الإجابة فيه كليلة
القدر في رمضان.

الرابعة والعشرون: من خصائص يوم الجمعة أنَّه في الأسبوع كالعيد في العام.

الخامسة والعشرون: أن
للصدقة في يوم الجمعة مزية على سائر الأيام، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر
أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور، وكان شيخ
الإسلام ابن تيميَّة إذا خرج لصلاة الجمعة يأخذ معه شيئًا من بيته، فيتصدق
به في طريقه سرًّا، ويقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصَّدقة بين يدي
مناجاة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالصدقة بين يدي مناجاته أفضلُ
وأولى بالفضيلة.

السادسة والعشرون: أن يوم الجمعة يومٌ يتجلَّى الله - عزَّ وجلَّ - فيه لأوليائه المؤمنين في الجنة.

السابعة والعشرون:
أنه فسر الشاهد الذي أقسم الله به في كتابه العزيز بيوم الجمعة، وكما ورد
الحديث: ((إنَّ اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود هو يوم عرفة،
والشاهد يوم الجمعة، ما طلعت شمس ولا غربت على أفضل من يوم الجمعة، فيه
ساعة لا يوافقها عبدٌ مُؤمن يدعو الله فيها بخير إلاَّ استجاب له)).

الثامنة والعشرون: أن يوم الجمعة هو اليوم الذي تفزع منه السموات والأرض، والجبال والبحار، والخلائق كلها، إلاَّ شياطين الإنس والجن.

التاسعة والعشرون: أنَّ يوم الجمعة هو اليوم الذي ادَّخره الله لهذه الأمة، وأضل عنه أهل الكتاب قبلهم.

الثلاثون: أن
يوم الجمعة خيرة الله من أيام الأسبوع، كما أن شهر رمضان خيرته من شهور
العام، وليلة القدر خيرته من اللَّيالي، ومكة خيرته من الأرض، ومحمد -
صلَّى الله عليه وسلَّم - خيرته من خلقه.

الحادية والثلاثون: أن
الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم وتُوافيها في يوم الجمعة، فيعرفون
زُوَّارهم ومَن يَمُرُّ بهم ويسلم عليهم، كما وردت بذلك الآثار الكثيرة.

الثانية والثلاثون: أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم إلاَّ أن يوافق صومه فلا بأس.

الثالثة والثلاثون: أن
يوم الجمعة يوم تذكير الناس بالمبدأ والمعاد، والثَّواب والعقاب،
ويتذكَّرون به اجتماعهم يوم الجَمْع الأكبر قيامًا بين يدي ربِّ العالمين،
وكان أحق الأيام بهذا الغرض المطلوب اليوم الذي يجمع الله فيه الخلائق،
وذلك يوم الجمعة، فادَّخَره الله لهذه الأمة؛ لفَضْلها وشرفها، فشرع الله
اجتماعهم في هذا اليوم لطاعته، وقدَّر اجتماعهم فيه مع الأمم لنيل كرامته،
فهو يوم الاجتماع شرعًا في الدنيا، وقدرًا في الآخرة، وفي مقدار انتصافه
وقت الخطبة والصلاة يكون أهلُ الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم،
كما ثبت ذلك عن ابن مسعود من غيْر وجْهٍ.



ومِمَّا روي من خطب النبي -
صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم الجمعة أنَّه قال: ((يا أيها الناس، توبوا
إلى الله - عزَّ وجلَّ - قبل أن تَموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة، وصلوا
الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة في السرِّ والعلانية،
تؤجروا وتُحمدوا وترزقوا، واعلموا أن الله - عزَّ وجلَّ - قد فرض عليكم
الجمعة فريضة مكتوبة في مقامي هذا، في شهري هذا، في عامي هذا إلى يوم
القيامة، من وجد إليها سبيلاً، فمن تركها في حياتي أو بعد مماتي جُحودًا
بها أو استخفافًا بها، وله إمام جائر أو عادل، فلا جَمَعَ الله شمله، ولا
بارك له في أمره، ألاَ ولا صلاة له، ألا ولا وضوءَ له، ألا ولا صوم له،
ألا ولا زكاة له، ألا ولا حج له، ألا ولا بركة له، حتى يتوب، فإن تابَ تاب
الله عليه))... إلى آخر ما قال.



انتهت هذه الخصائص المتقدمة باختصار من "زاد المعاد"، لابن القيم - رحمه الله تعالى - من المجلد الأول من صفحة (100 - 116).



إذا عرفنا ما تقدَّم من فضائل الجمعة وخصائصها،
وأنَّها غُرَّة في جبين الدَّهر، وعرفنا عقوبة المتهاون بها والمتخلف
عنها، وعرفنا وتحقَّقنا ما أعد الله للمحافظ عليها والملازم لها من
الكرامات العظيمة والفضائل الجسيمة - فالواجب على المسلمين أن يَقْدروا
لهذا اليوم العظيم قدره، وليدخروا عند الله أجرَه، فلقد أصبح البعض من
المسلمين - هدانا الله وإياهم - مستهينين بهذا اليوم العظيم، زاهدين في
فضله، متجاهلين بقدره، ويعدونه نزهة في بعض النَّواحي، فحذار - عبادَ الله
- لا يستهوينَّكم الشيطان بإضاعة الفروض والواجبات التي هي شعار الإسلام
وأركانه وواجباته، ولا تغتروا بما بسط الله لكم من النعم، فلقد بسط الله
على من كان قبلكم بما هو أكثر مما بسط لكم، فأهلكهم الله، وقطع دابرهم
حينما كفروا النعمة ولم يشكروها، فحذار - أيُّها المسلمون - فإن سنةَ الله
في الأولين والآخرين واحدة، كلٌّ منا يراقب ربَّه، ويرجو رحمته، ويَخشى
عقابه، ويأخذ على أيدي سُفهائه، ويناصحهم، ويُخوفهم بربِّهم - تبارك
وتعالى.



هذا؛
وأرجو الله - تعالى - أن يهدينا وجميع المسلمين لاتِّباع سبيله المستقيم،
وسلوك المنهج القويم الموصل إلى النعيم المقيم، وأنْ يُعيذَنا وجميع
المسلمين من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأنْ يأخذ بناصية إمام المسلمين،
وأن يرزقه البطانة الصَّالحة، وأن يوفقه لما فيه الخير والصلاح والفلاح في
الدُّنيا والآخرة؛ إنَّه - سبحانه وتعالى - على كل شيء قدير.



وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3arabia.ahlamontada.net
 
تحذير الأمة عن التهاون بصلاة الجماعة والجمعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الجزائر العربية :: المنتديات الإسلامية :: المناسبات الإسلامية-
انتقل الى: