من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده
لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
علل الحديث
تعريف العلة :
لغةً: اسم مفعول من علل ولا يوجد في كتب اللغة علله إلا بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به من تعليل الصبي بالطعام. وأما معلول فهو موجود في كلام كثير من اللغويين([1]) والمحدثين([2]) ولم يرتضها كثير من أهل العلم.
قال ابن الصلاح: إنه مرذول ([3])، وقال النووي: لحن([4])، وقال الحريري: لا وجه لهذا الكلام البتة([5])، وقال ابن سيده: لست منها على ثقة ولا تَلَج([6]). وإن كان يمكن تخريجه على ما نقله سيبويه في كتابه عن العرب من قولهم: مجنون ومسلول([7]).
والأَوْلى في تسميته أن يقال: مُعلّ. ورجّحه الحافظ العراقي([8])، وهو اسم مفعول من علّ يعلّ واعتلّ، وأعلّه الله فهو معلّ([9]). بلام واحدة، وهو الأكثر عند اللغويين والمحدثين لأنهم يقولون: أعلّه فلان بكذا([10]).
واصطلاحاً: هو الحديث الذي اطّلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها([11]). والعلة عبارة عن أسباب خفية غامضة تقدح في الحديث([12]).
وعِلَل الحديث من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقّها وأشرفها، حتى قال ابن مهدي: لأن أعرف علة حديث واحد أحبّ إلىّ من أن أكتب عشرين حديثاً ليست عندي([13]). ولا يقوم لهذا النوع إلا من رزقه الله تعالى فهماً ثاقباً وحفظاً واسعاً ومعرفةً تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن: كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني ونحوهم([14]).
أجناس العلل:
للعلل أجناس كثيرة ذكر الحاكم([15]) في معرفة علوم الحديث عشرة منها على سبيل التمثيل لا الحصر؛ إذ لا يمكن حصرها لدقة هذا النوع من أنواع علوم الحديث وخفائه، بل مجرد ما يشتمل الحديث على سبب يخرجه من حال الصحة إلى حال الضعف فإنهم يسمونه معلاّ. ولذلك نجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ والجهالة وغيرها. وقد أطلق بعضهم اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط.
قال أبو يعلى الخليلي: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول([16] ). وسمّى الترمذي النسخ علة من علل الحديث([17]).
أقسام المعلّ:
ينقسم المعلّ بحسب موقع العلة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المعلّ في السند:
ومثاله: ما روى ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: (( من جلس مجلساً فكَثُر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك ))([18])
فهذا الحديث ظاهره الصحة حتى اغترّ به غير واحد من الحفّاظ كالترمذي وغيره فصحّحوه، لكن فيه علة خفية قادحة، والصواب فيه: ما رواه وهيب بن خالد الباهلي عن سهيل عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
وسبب تصويب هذه الرواية قول البخاري: لا أعلم لموسى سماعاً من سهيل يعني: أنه إذا لم يكن معروفاً بالأخذ عنه، وجاءت عنه رواية راويها من أكثر ملازمة لموسى بن عقبة منه رجحت رواية الملازم، فبهذا يوجَّه تعليل البخاري([19]). وأما من صححه فإنه لا يرى هذا الاختلاف علة قادحة بل يجوز أنه عند موسى بن عقبة على الوجهين([20]).
الثاني: المعلّ في المتن:
ومثاله: ما روى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه ))([21]).
ولما كان ظاهر هذا الإسناد في غاية الصحة صحّح الحديث جماعة وقالوا: هو على شرط الشيخين. ولكن أئمة الحديث طعنوا فيه ولم يروه صحيحاً، بل رأوه خطأ محضاً([22]).
قال الترمذي([23]): هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: (( ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم ))، رواه البخاري([24]).
وعندي أن سبب تعليل متنه أن الفأرة لا تموت في السمن الجامد بخلاف المائع الذي تموت فيه بسبب الغرق.
الثالث: المعلّ في السند والمتن معاً:
ومثاله: حديث بقية عن يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه قال: (( من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فقد أدرك ))([25]). قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا خطأ في المتن والإسناد، إنما هو الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها ))، متفق عليه([26]).
وأما قوله: (( من صلاة الجمعة )) فليس هذا في الحديث، فوهم في كليهما([27]).
ونقل ابن الجوزي عن ابن حبان أن هذا الحديث خطأ إنما الخبر: (( من أدرك من الصلاة ركعة ))، وذكر الجمعة أربعة أنفس عن الزهري عن أبي سلمة كلهم ضعفاء([28]).
ما تُعرف به علة الحديث:
تُعرف العلة في الحديث بأمور منها:
1- الإلهام من الله سبحانه وتعالى الناشئ عن الإخلاص لله تعالى وممارسة هذا العلم بحفظ متونه والنظر في رجاله، فبه يستطيع المحدِّث التمييز بين صحيح الحديث من عليله، وقد لا يستطيع المحدث التعبير عن إقامة الحجة على دعواه. قال عبد الرحمن بن مهدي: معرفة علل الحديث إلهام، فلو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة([29]). وكم من شخص لا يهتدي لذلك.
2- كثرة الممارسة للحديث ومعرفة رجاله وأحاديث كل واحد منهم يتوصّل به إلى معرفة أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعلّوه الأحاديث بذلك([30]).
3- جمع طرق الحديث والنظر في اختلاف رواته والاعتبار بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط. قال علي بن المديني: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه([31]).
4- النص على علة الحديث أو القدح فيه أنه معلّ من قِبَل إمام من أئمة الحديث المعروفين بالغوص في هذا الشأن، فإنهم الأطباء الخبيرون بهذه الأمور الدقيقة.
علل الحديث
تعريف العلة :
لغةً: اسم مفعول من علل ولا يوجد في كتب اللغة علله إلا بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به من تعليل الصبي بالطعام. وأما معلول فهو موجود في كلام كثير من اللغويين([1]) والمحدثين([2]) ولم يرتضها كثير من أهل العلم.
قال ابن الصلاح: إنه مرذول ([3])، وقال النووي: لحن([4])، وقال الحريري: لا وجه لهذا الكلام البتة([5])، وقال ابن سيده: لست منها على ثقة ولا تَلَج([6]). وإن كان يمكن تخريجه على ما نقله سيبويه في كتابه عن العرب من قولهم: مجنون ومسلول([7]).
والأَوْلى في تسميته أن يقال: مُعلّ. ورجّحه الحافظ العراقي([8])، وهو اسم مفعول من علّ يعلّ واعتلّ، وأعلّه الله فهو معلّ([9]). بلام واحدة، وهو الأكثر عند اللغويين والمحدثين لأنهم يقولون: أعلّه فلان بكذا([10]).
واصطلاحاً: هو الحديث الذي اطّلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها([11]). والعلة عبارة عن أسباب خفية غامضة تقدح في الحديث([12]).
وعِلَل الحديث من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقّها وأشرفها، حتى قال ابن مهدي: لأن أعرف علة حديث واحد أحبّ إلىّ من أن أكتب عشرين حديثاً ليست عندي([13]). ولا يقوم لهذا النوع إلا من رزقه الله تعالى فهماً ثاقباً وحفظاً واسعاً ومعرفةً تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن: كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني ونحوهم([14]).
أجناس العلل:
للعلل أجناس كثيرة ذكر الحاكم([15]) في معرفة علوم الحديث عشرة منها على سبيل التمثيل لا الحصر؛ إذ لا يمكن حصرها لدقة هذا النوع من أنواع علوم الحديث وخفائه، بل مجرد ما يشتمل الحديث على سبب يخرجه من حال الصحة إلى حال الضعف فإنهم يسمونه معلاّ. ولذلك نجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ والجهالة وغيرها. وقد أطلق بعضهم اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط.
قال أبو يعلى الخليلي: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول([16] ). وسمّى الترمذي النسخ علة من علل الحديث([17]).
أقسام المعلّ:
ينقسم المعلّ بحسب موقع العلة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المعلّ في السند:
ومثاله: ما روى ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: (( من جلس مجلساً فكَثُر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك ))([18])
فهذا الحديث ظاهره الصحة حتى اغترّ به غير واحد من الحفّاظ كالترمذي وغيره فصحّحوه، لكن فيه علة خفية قادحة، والصواب فيه: ما رواه وهيب بن خالد الباهلي عن سهيل عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
وسبب تصويب هذه الرواية قول البخاري: لا أعلم لموسى سماعاً من سهيل يعني: أنه إذا لم يكن معروفاً بالأخذ عنه، وجاءت عنه رواية راويها من أكثر ملازمة لموسى بن عقبة منه رجحت رواية الملازم، فبهذا يوجَّه تعليل البخاري([19]). وأما من صححه فإنه لا يرى هذا الاختلاف علة قادحة بل يجوز أنه عند موسى بن عقبة على الوجهين([20]).
الثاني: المعلّ في المتن:
ومثاله: ما روى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه ))([21]).
ولما كان ظاهر هذا الإسناد في غاية الصحة صحّح الحديث جماعة وقالوا: هو على شرط الشيخين. ولكن أئمة الحديث طعنوا فيه ولم يروه صحيحاً، بل رأوه خطأ محضاً([22]).
قال الترمذي([23]): هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: (( ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم ))، رواه البخاري([24]).
وعندي أن سبب تعليل متنه أن الفأرة لا تموت في السمن الجامد بخلاف المائع الذي تموت فيه بسبب الغرق.
الثالث: المعلّ في السند والمتن معاً:
ومثاله: حديث بقية عن يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه قال: (( من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فقد أدرك ))([25]). قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا خطأ في المتن والإسناد، إنما هو الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها ))، متفق عليه([26]).
وأما قوله: (( من صلاة الجمعة )) فليس هذا في الحديث، فوهم في كليهما([27]).
ونقل ابن الجوزي عن ابن حبان أن هذا الحديث خطأ إنما الخبر: (( من أدرك من الصلاة ركعة ))، وذكر الجمعة أربعة أنفس عن الزهري عن أبي سلمة كلهم ضعفاء([28]).
ما تُعرف به علة الحديث:
تُعرف العلة في الحديث بأمور منها:
- الإلهام من الله سبحانه وتعالى الناشئ عن الإخلاص لله تعالى وممارسة هذا العلم بحفظ متونه والنظر في رجاله، فبه يستطيع المحدِّث التمييز بين صحيح الحديث من عليله، وقد لا يستطيع المحدث التعبير عن إقامة الحجة على دعواه. قال عبد الرحمن بن مهدي: معرفة علل الحديث إلهام، فلو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة([29]). وكم من شخص لا يهتدي لذلك.
- كثرة الممارسة للحديث ومعرفة رجاله وأحاديث كل واحد منهم يتوصّل به إلى معرفة أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعلّوه الأحاديث بذلك([30]).
- جمع طرق الحديث والنظر في اختلاف رواته والاعتبار بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط. قال علي بن المديني: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه([31]).
- النص على علة الحديث أو القدح فيه أنه معلّ من قِبَل إمام من أئمة الحديث المعروفين بالغوص في هذا الشأن، فإنهم الأطباء الخبيرون بهذه الأمور الدقيقة.